افتتح صباح اليوم وزير الدفاع الوطني السيد عبّد الكريم الزبيدي بمعهد الدفاع الوطني ببرطال حيدر أشغال الدورة 36 للمعهد حول “إرساء إستراتيجية وطنية لتنمية المناطق الحدودية: الواقع والتحديات والرّهانات في ظل المخاطر والتهديدات الحالية وتداعياتها” بحضور أعضاء المجلس الأعلى للجيوش وسامي إطارات الوزارة والدّارسين العسكريين والمدنيين الّذين يمثلون مختلف الهياكل العمومية ذات الصّلة بالموضوع.
وبين بالمناسبة أن موضوع هذه الدورة، هو من صميم المرحلة الانتقالية التي تعيشها تونس منذ ما يقارب الثمانية سنوات، والتي تستوجب تعبئة كل الطاقات الماديّة، والبشرية والإمكانيات لتحقيق الانتقال الاقتصادي والاجتماعي، من خلال منوال تنموي عادل، يقطع مع الإقصاء والتهميش والتفاوت الجهوي.
وأكد أن إرساء هذه الإستراتيجية يستوجب تشخيص المنوال التنموي الحالي، الذي بلغ حدوده القصوى من حيث النموّ والإنتاجية والقيمة المضافة والبنية الاقتصادية والإنتاج القطاعي وغياب مقوّمات الحوكمة الرشيدة ودراسة اختلال التوازنات الإقليمية والجهوية، بين الشريط الساحلي وداخله، مع تشخيص واقع المناطق الحدودية من حيث الجوانب المتعلقة بالبنية التحتية، والاقتصادية والاجتماعية، لمعرفة أسباب ضعف التنمية بها، ورصد مواطن قوتها وضعفها وضبط حاجياتها.
وأبرز أن الدستور الجديد يمثل مرجعا لوضع هذه الإستراتيجية، باعتباره يكرّس في أحكامه الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات استنادا إلى مؤشرات التنمية، موضحا أن إرساءها يفترض إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني في ضوء ما يشهده العالم من تحوّلات بفعل العولمة، والعمل على الاستفادة منها والرفع في قدرته التنافسية وتحسين طاقاته التشغيلية، ممّا يستوجب التوجّه نحو دعم القطاعات المجددة، ذات القيمة المضافة العالية والمحتوى المعرفي والتكنولوجي المرتفع ومبرزا دور الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تلبية حاجيات الأفراد في هذه المناطق.
وبيّن أنّ ملامح هذه الإستراتيجية تتمثل في تحقيق الترابط والتواصل الشامل بين الجهات لتقليص التفاوت وتحقيق التكامل، وفك العزلة عن المناطق الأقل نموا وتقريب الخدمات من المستفيدين ودفع التنمية بالجهات والمناطق الحدودية على وجه الخصوص وتطوير منظومة تمويل التنمية الجهوية والمحلية وتحسين الظروف المعيشية على المستويين المحلي والجهوي والقيام بدراسة مديرية تأخذ بعين الاعتبار تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية المحلية والمتطلبات البيئية والاجتماعية وتطوير اللامركزية وإرساء أسس الحوكمة المحلية والجهوية.
وأبرز أن هذه الإستراتيجية ترمي إلى تنمية المناطق الحدودية باعتبارها استحقاقا وجب الإيفاء به وتجسيما لقيم الدستور وردّ الاعتبار الاقتصادي والاجتماعي لهذه المناطق التي لم تأخذ حظّها منذ عقود من حركة التنمية ومعالجة ظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة واستفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية في إطار مقاربة تنموية شاملة وفي إطار التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف مع البلدان الشقيقة والصديقة ورفع التحديّات من وراء الحدود على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والأمني في إطار العمل المشترك مع بلدان الجوار.
ودعا إلى الاستئناس بتجربة بعض البلدان الآسيوية التي تعودت على وضع مثل هذه الإستراتيجيات، واعتماد منهج الدراسة المقارنة، لضبط منهجية انجازها تأخذ بعين الاعتبار التجربة الديمقراطية الناشئة وخصوصية الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والثقافي وإمكانيّات البلاد.
قراءة 1٬539