في الذكرى 64 لانبعاث الجيش الوطني: تحديات داخلية وخارجية تقتضي ضبط الأولويات

في الذكرى 64 لانبعاث الجيش الوطني: تحديات داخلية وخارجية تقتضي ضبط الأولويات

تحيي تونس اليوم الاربعاء الذكرى 64 لانبعاث الجيش التونسي في ظرف يتسم بتزايد التحديات داخليا وخارجيا بالنظر إلى الوضع الإقليمي والدولي المحيط بالبلاد.
وفي إطار سعيها لمواكبة هذه المتغييرات، تنصرف جهود المؤسسة العسكرية اليوم، لاستشراف ما سيكون عليه الجيش الوطني في أفق 2030 استنادا إلى رؤية تضبط الأولويّات على ضوء المتغيّرات الإقليميّة والدوليّة، ستترجم ضمن مخطط استراتيجي للفترة المقبلة، وفق ما كان صرح به وزير الدفاع الوطني السيد عماد الحزقي الأسبوع الماضي.
وأضاف وزير الدفاع الوطني لدى اختتامه دورة تكوينيّة نظّمها معهد الدفاع الوطني لفائدة أعضاء لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان، أنّ التحديات المطروحة على المؤسسة العسكريّة كبيرة بالنظر إلى الوضع الإقليمي المحيط بتونس، مبيّنا أنّ هذه التحديات لا تتعلق بالنصوص القانونية فحسب وإنّما أيضا بالإمكانيات المادية وأبرز وزير الدفاع أهميّة دعم نواب الشعب للمؤسسة العسكرية بهدف النهوض بجاهزية الجيش الوطني وبقدراته المادية على مستوى تطوير البنية التحتيّة والتجهيزات العسكرية وعلى مستوى مواكبة التطوات الحاصلة في العالم وكذلك على مستوى الارتقاء بمنظومة الاحاطة الاجتماعية بالعسكريين وذلك من خلال تطوير النصوص القانونية وصياغة رؤية استشرافية لمستقبل الجيش الوطني في أفق 2030 وتترجم هذه الرؤية إلى إستراتيجيّة تتضمّن الأهداف ووسائل تنفيذها ومتطلباتها المادية والبشريّة على مستوى التكوين والتدريب والتجهيز والعناية بالجانب المعنوي للعسكريين بمختلف رتبهم من حيث الإحاطة الإجتماعيّة والصحيّة والنفسيّة والماديّة والتحفيز.
ويضطلع الجيش الوطني التونسي منذ انبعاثه في 24 جوان 1956 بمهام أساسية تتمثّل في الدفاع عن حرمة الوطن و سلامة ترابه وحماية مؤسساته والمحافظة على مكاسب المجموعة الوطنية ومهام تكميليّة تتمثّل في المساهمة في معاضدة مجهودات الدولة في مجال التنمية والتدخل في عمليات الإغاثة والإنقاذ والتصدّي للجوائح والكوارث الطبيعيّة.
وقد ساعدت التدابير والإجراءات التي اتخذتها وزارة الدفاع الوطني لتعزيز القدرات العملياتية للجيش الوطني، على مزيد إحكام السيطرة والمراقبة المستمرّة للحدود، ومكّنت من تقليص ظاهرة التهريب والتنقّل عبر الحدود في الإتجاهين بما فيها الهجرة غير الشرعيّة بنسبة تفوق 90 بالمائة كما ساهمت في تنفيذ عدّة عمليات عسكريّة بنجاح تم خلالها القضاء على العديد من العناصر الإرهابية وحجز أسلحة وكميات من الذّخيرة ومواد متفجّرة وإبطال مفعول عدّة ألغام مزروعة وتحطيم المخابئ وقطع الإمدادات اللوجستية لهذه المجموعات.
وتعتبر ملحمة بن قردان تجسيدا لنجاح القوات العسكرية في إبطال مخططات داعش الإرهابية التي كانت تستهدف المنشآت الأمنية والحيوية للمدينة وأمن تونس عموما، حيث تمكنت الوحدات العسكرية من التصدي للمجموعات الإرهابية من خلال القضاء على أكثر من 60 إرهابيا وإلقاء القبض على آخرين.
وتساهم المؤسسة العسكرية بالإضافة إلى مهامها الأساسية، في مختلف الجهود الوطنية للتنمية والتكوين المهني، وتأمين المحطات الانتخابية والامتحانات الوطنية وتجميع المحاصيل الزراعية، فضلا عن دورها في التصدي للكوارث الطبيعية والتدخل في عمليات الإغاثة والإنقاذ والتصدي للجوائح.
ولدعم المجهود الوطني والهياكل الصحيّة الوطنيّة في مواجهتها لوباء فيروس كورونا، تم تركيز مستشفى عسكري ميداني في محيط المستشفى العسكري بتونس وتحويل الوحدة العسكرية الجراحيّة الميدانية إلى وحدة إنعاش ليتمّ من خلالها الترفيع في عدد أسرّة الإنعاش إلى حدود 50 سريرا وتركيز مخبر عسكري متنقّل بتطاوين تحوّل في مرحلة ثانية إلى قبلّي للرفع من عدد التحاليل الموجّهة لتقصّي حالات الكورونا المشتبهة بالمناطق الموبوءة.
كما تولت التشكيلات العسكرية خلال حظر التجوّل بالبلاد والحجر الصحّي الشامل، القيام منذ 23 شهر مارس الماضي بدوريّات مشتركة بكامل تراب الجمهوريّة شهدت مشاركة أكثر من 1100 من العسكريين بالإضافة إلى تأمين الوحدات السجنيّة ومراكز التبرّع وتوزيع المساعدات.
كما ساهم جيش الطيران في نفس الفترة في القيام بطلعات جويّة بالليل والنهار بواسطة مروحيّات عسكريّة إنطلاقا من مختلف القواعد الجويّة تجاوزت 500 مهمّة.
وشاركت الطائرات العسكريّة في عمليّات إجلاء المواطنين العالقين بالخارج بكلّ من الجزائر وإيطاليا وألمانيا وإنقلترا ومن دول جنوب شرق آسيا ماليزيا وأندونيسيا ومن بعض الدول الإفريقيّة، بالإضافة إلى تأمينها لرحلات جويّة قياسيّة من أجل جلب المستلزمات والمعدات والتجهيزات الطبية من هونغ كونغ والصين.
ويساهم الجيش التونسي على المستوى الدولي في عمليّات حفظ الأمن والسلم في عديد البلدان، وتشارك تونس منذ السنة الماضية، ولأول مرة في تاريخ المؤسسة العسكرية، بوحدة جوية بجمهورية مالي تحت لواء منظمة الأمم المتحدة.
كما تساهم تونس بفيالق عسكرية وملاحظين في عدة مناطق من العالم للعمل تحت راية الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي، والمشاركة في نشر السلام وتحقيق أمن الشعوب وتأمين الإنتخابات والمساعدات الإنسانية والإسناد الصحي والاجتماعي بكلّ من كمبوديا والصومال ورواندا وبوروندي وجنوب إفريقيا وهايتي والكونغو.

قراءة 734