الأمر اليومي بمناسبة الذكرى 68 لانبعاث الجيش الوطني

الأمر اليومي بمناسبة الذكرى 68 لانبعاث الجيش الوطني

أشرف رئيس الجمهورية قيس سعيد، القائد الأعلى للقوات المسلحة، صباح اليوم الإثنين 24 جوان 2024 بقصر قرطاج، على موكب الاحتفال بالذكرى الثامنة والستين لانبعاث الجيش الوطني، بحضور وزير الدفاع الوطني وأعضاء المجلس الأعلى للجيوش والقيادات العسكرية والإطارات المدنية بالوزارة.

وتوجّة رئيس الجمهورية خلال هذا الموكب بالأمر اليومي التالي:

بسم الله الرحمان الرحيم

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين

أيها الضباط وضباط الصف ورجال الجيش،

للعزة وللشرف وللروح الوطنية الراسخة العالية عناوين كثيرة في تونس، ومناسبات للإحتفال بها عديدة. ومن أبرزها وأنبلها هذا اليوم الذي يحتفل فيه الشعب التونسي بالذكرى 68 لإنبعاث الجيش الوطني.

والواجب الوطني يقتضي أن نتقدم بأحرّ عبارات التقدير لكلّ العسكريين والإطارات والأعوان بوزارة الدفاع الوطني إعترافا لعطائهم غيرِ المحدود، ولبذلهم الذي كلما إزداد التحدّي يتضَاعَفُ ويَزِيدْ. وحين يقتضي الواجب المقدس، المواجهةَ والقتال، رَدّدُوا كلّهم، مؤمنين ثابتين على قلب رجل واحد، نحن أبناء هذا الوطن للوغى ولِسَاحَاته خُلِقنا، ومستعدون تحت أي ظرف للنزال ودون النصر والعزّة والكرامة، الإستشهاد ولن نقبل بغير ذلك بديلا.

لقد استبطن شعبنا واستبطنت قواتنا المسلحة العسكرية، روح النصر ومن استبطن هذه الروح لن يقبل أبدًا إلا بالإنتصار أو الاستشهاد. لا يَظْهَرُ العَجْزُ منّا دون نيل المنى ولو رأينا المنايا في أمانينا.

ولا يمكن في هذا اليوم، وفي هذا الموكب إلا أن نتذكر خاشعين، شهداءَ قواتنا المسلحةِ العسكرية، لنترحم على أرواحهم الطاهرة مبتهلين إلى العليّ القدير أن يتقبّلهم مع النبيئين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُنَ أولئك رَفِيقًا.

كما لا يمكننا إلا أن نتوجه إليه سبحانه وتعالى، بأن يعجّل بشفاء جرحى القوات المسلحة ومصابيها، منهم من أقعدتهم الإصابات عن العمل. ومنهم، وكثيرون وهم مصابون يستعجلون الأطباء، ضدّ آراء الأطباء، ليعودوا إلى مراكزهم في العمل، فكما يتحدّوْن الأعداء يتحدون الآلام والجراح، والحمد لله تعالى أن مؤسّسة فداء قد انطلقت منذ مدّة في أعمالها، لأن تونس لن تنسى أبدا لا شهداء الوطن ولا ذويهم، ولن تترك المصابين دون رعاية ومتابعة.

أنتم أيها الضبّاط وضبّاط الصف ورجال الجيش عيون ترصد الأعداء في كلّ مكان، صقور جارحة كاسرة ترصدون كلّ من يعادينا وتقضون على كلّ من يسعى إلى تمزيق شملنا أو يؤذينا.
أيها الضباط وضباط الصف ورجال الجيش،

ليس من قبيل التزيّد، اليوم وفي كلّ يوم، التذكير بمآثر القوّات المسلّحة العسكريّة في كلّ المجالات، في مجال الدفاع عن الوطن، في مكافحة الإرهاب، في مكافحة الهجرة غير النظاميّة أو غير الإنسانية، في مجالات الصحّة والنجدة، في إخماد الحرائق، في تأمين الامتحانات والانتخابات وغيرها، فضلا عن مشاركتها في عديد قوّات السلام الأمميّة.

كما ليس من قبيل التزيّد التذكير بالمعارك العسكريّة التي خاضتها قوّاتنا المسلحة العسكريّة إثر الاستقلال لاستكمال بسط الدولة لسيادتها كاملة على كل شبر من تراب هذا الوطن العزيز. لقد أعطت قوّاتنا المسلحة العسكريّة نفسها بالكامل لهذا الوطن العزيز، فدته بالأرواح والدماء، وقامت بتطوير قدراتها بإمكانيّاتها الذاتيّة في عديد المجالات، تطويرا يدلّ على استيعابٍ كامل لشتّى علوم العصر.

إنّ قواتنا المسلحة العسكريّة قامت بما قامت به وتقوم، إنطلاقا من الروح الوطنية العالية ومن الشعور المفعم بالمسؤوليّة المقدّسة. وعلى المجموعة الوطنية كاملة أن تساهم في توفير الإعتمادات اللازمة لتطوير قدرات قوّاتنا المسلحة من بنية تحتيّة ومن تسليح، فضلا عن الإحاطة بكلّ العسكريين على اختلاف رتبهم واختصاصاتهم.

ولعلّكم تذكرون، بل إنّكم تذكرون كلّكم تلك الصورة الخالدة لتلك البنت الصغيرة التي قامت بإهداء زهرة لأحد الجنود في مطلع سنة 2011، تلك الصورة لوحدها تعكس طبيعة العلاقة بين الشعب التونسي والقوّات المسلحة وتعكس بالتأكيد إستعداد المجموعة الوطنيّة لدعم قدراتها ومعدّاتها.

وستتمّ ترجمة هذه الإرادة في إطار مخطّط استراتيجيّ، سواءً في إطار قانون الماليّة أو في أطر قانونيّة أخرى ولن يكون الشعب التونسي في هذا المجهود الوطنيّ بل في هذا الواجب، لا متردّدا ولا ضَنِينَا. فأكرم الناس في النجدة وفي الدفاع والقتال، حقِيقٌ بالتبجيل هو وذَوُوهْ، جديرٌ بالتكريم والإجلالْ. وليس لتونس نيّة للدخول في سباق في هذا السياق مع أيّ كان، ولكن لا بدّ اليوم ممّا ليس منه بُدُّ.

كما أنّ تونس التي لم تقبل أبدا بوجود قواعد عسكريّة فوق أراضيها من غير التونسيّين، لن تحيد أبدا عن هذا الإختيار قيد أُنْمُلَة، تقبل بالتعاون وبتبادل التجارب والخبرات وهو أمر تقليدي مألوف بين كلّ الدول ولكن لن يكون مثل هذا التعاون إلا في ظلّ اختياراتنا الوطنيّة النابعة من مصالح شعبنا ولن نقبل بأن تكون حبّة رمل واحدة ولا قطرة ماء واحدة، بل حتى هبّة نسيم واحدة خارج السيادة الكاملة للدولة التونسيّة.

أيها الضباط وضباط الصف ورجال الجيش،

إنّنا نعمل جميعا على أن تكون تونس، أن يكون وطننا العزيز عصيّا على كل من يتربّص به، نريدها تونس شامخة أبيّة في كلّ محفل وتحت كلّ سماء وكلّما ذكر إسم تونس إلّا واستحضر السامعون المستمعون في الخارج إثر ذكر اسم بلادنا السّيادة والحريّة والعدل والمجد والعِزَّةَ والسُّؤدَدَ.

عاشت تونس حرّة مستقلّة أبد الدّهر،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 

 

 

 

 

قراءة 344